ينقسم المبتدأ إلى قسمين: مبتدأ له خبر، ومبتدأ له فاعل
سدَّ مسد الخبر، وبحثنا عن المبتدأ الذي له فاعل سدَّ مسد الخبر؛ إذ اشترط له
النحاة مجموعة من الشروط:
1 ) أن يكون مرفوعه اسما ظاهرا أو ضميرا منفصلا (على
خلاف بين النحاة).
2 ) أن يتم الكلام بمرفوعه.
3 ) أن يعتمد على نفي أو استفهام، وهذا موضع خلاف
البصريين والكوفيين، ومحل بحثنا في تلك السطور.
يشترط البصريون في الوصف أن يعتمد على نفي أو استفام،
وهذا الشرط لا يشترطه الأخفش والكوفيون، ويتوسط ابن مالك ويقول باستحسان الاعتماد
لا وجوبه، ويذكر أنه مذهب سيبويه.
يستدل الكوفيون بمجموعة من الأدلة، منها قول الشاعر:
خبير بنو لهب فلا تك ملغيا مقالة لهبي إذا الطير مرت
والبصريون لا يعتدون بهذا البيت؛ لجواز كون (خبير) خبرا
مقدما، ولم يطابق لأن باب فعيل لا يلزم فيه المطابقة، على حدِّ: (والملائكةُ بعدَ
ذلكَ ظهير)، وقوله: (هن صديق للذي لم يشب).
كذلك استدل الكوفيون بقول الشاعر:
فخير نحن عند الناس منكم إذا الداعي المثوب قال يالا
فخير مبتدأ، ونحن فاعل، ولا يكون خبرا مقدما، ونحن
مبتدأ؛ لأنه يلزم في ذلك الفصل بمبتدأ بين أفعل التفضيل ومن، وهما كمضاف ومضاف
إليه، وإذا جعل نحن مرتفعا بخير على الفاعلية لم يلزم ذلك، لأن فاعل الشيء كجزء
منه.
لكنَّ بعضهم زعموا أن (خير) خبر لمبتدأ محذوف تقديره
(نحن)، وقوله (نحن) تأكيد للضمير المستتر في خير، ولا يخفى على القارئ ما في هذا
التأويل من تهافت؛ إذا كيف يلجأ إلى تقدير شيء وفي الكلام ما يغني عنه.
وفي النهاية أرجح رأي ابن مالك الذي نسبه إلى سيبويه؛
وذلك لأن ما احتج به الكوفيون لا يصل إلى حدِّ الكثرة التي يقاس عليها، ومن جانب
آخر فإن تأويل البصريين لتلك النصوص القليلة لم يكن بالقوة بحيث نطمئن إلى عدم صحة
الاستدلال بهذه الأدلة.
المراجع
منحة الجليل بتحقيق شرح ابن
عقيل
شرح التسهيل لابن مالك
همع الهوامع للسيوطي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق