للأستاذة/ عنايات أحمد
قرأت قصة قسمتي ونصيبي ضمن مجموعة: (رأيت
فيما يرى النائم)، للأستاذ/ نجيب محفوظ، وهي قصة رمزية تحكي عن طفل غريب أسفله
مُوَحَّد وأعلاه يتفرع إلى اثنين، فسُمِي أحدهما قسمتي والآخر نصيبي، والاثنان
كانا عكس بعضهما في كل شيء: في الطباع، في الصفات، حتى في الشكل؛ فأحدهما (نصيبي)
مرح هوائي متمرد، والآخر (قسمتي) جاد عاقل رزين روتيني، وشبّ الاثنان مختلفين في
كل شيء، لا يتفقان سوى في النصف الأسفل من الجسم، وكان كل منهما يتمنى أن يفارق
الآخر؛ ليعيش حياته كما يحلو له.
وبعد فترة من المعاناة والشجار المتواصل حدث
ذلك، ومات نصيبي وعاش قسمتي يحمل جثة أخيه المُحنَّطة، ولكن بموت (نصيبي) عاش
(قسمتي) بلا روح .. بلا حماس، فقرر أن يهب نفسه للعمل ... والعمل فقط.
لماذا يا قسمتي: أليس هذا ما كنت تتمناه أن
تستقل بحياتك بعيدا عن نصيبي؟
لم أكن أعلم أن نصيبي هو من يهب لحياتي
بهجتها وروحها، لم أكن أعلم أن نصيبي قلبي النابض في جسدي.
وتنتهي القصة وقسمتي ينتظر الموت، فقد مات
أحلى ما فيه . . نصيبي.
تلك قصة رمزية تحس أنها تحكي عنك أنت، نعم
أنت أيها الإنسان ... فكل منا يحمل في أعماقه شخصيتين مختلفتين في كل شيء: ففيك
التمرد وفيك الطاعة، وفيك الحب والكره، والنفس الأمارة واللوامة، والخير والشر،
والعقل والجنون، حوت نفسك كل ما في الكون من تناقض، فارضَ بنفسك كما هي، وتعامل مع
الآخرين على سجيتك، حتى لا تندم وتصير مثل قسمتي فتعيش بلا روح ... فأنت قسمتي
ونصيبي معًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق