الأحد، 25 نوفمبر 2012

الإيمان بالقضاء والقدر


الإيمان بالقضاء والقدر أحد أركان الإيمان الستة:" الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر: خيره وشره".

وقد اتخذ كثير من الناس هذا الركن من أركان الإيمان ذريعة لترك العمل، والركون إلى الخمول والكسل؛ فإذا جاءت النتائج سيئة أرجعوها إلى القضاء والقدر، والأمر ليس كذلك.

إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له"، فالعمل مقتضى من مقتضيات الإيمان بالقضاء والقدر، فإن قيل: ما علاقة الإيمان بالقدر بحركة الإنسان وعمله؟ فهذا يختلف باختلاف الإنسان؛ فإن من لا يؤمن بتلك العقيدة يرى أن حركة الإنسان سبب لما يجنيه من ثمرات ونتائج، أما المؤمن فيرى أن علاقة العمل بالنتائج إنما هي علاقة تلازم – لا أكثر ولا أقل – وأن تلك الثمرات نتجت عن قضاء الله وقدره.

كلاهما يكد ويعمل: المؤمن وغير المؤمن؛ فغير المؤمن يأوي إلى فراشه متعبا، وهو يعتقد أن عمله هو فقط الذي سيحقق له طموحه، فيضيف إلى إرهاقه البدني إرهاقا نفسيا وقلقا، أما المؤمن فيتعب هو الآخر ولكنه يعلم – يقينا – أن عمله ليس فقط هو الذي يحقق له طموحاته، فثمَّ توفيق الله وقدره؛ فيطمئن قلبه، وتهدأ أعصابه.

يلخص أحد الشعراء هذا المفهوم قائلا:

وعلي أن أسعى . . . وليس علي إدراك النجاح

أما الكسالى المتعللون بالقضاء والقدر فهؤلاء أهل لأن يتخلفوا ويصيروا في ذيل الأمم والحضارات . . . أساءوا لأنفسهم ووطنهم ودينهم.

وقديما قال الشاعر:

إذا لم تنفع فضر فإنما . . . يرجى الفتى كيما يضر وينفع

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

وما علمناه الشعر



كان رجل يدعي الشعر ويستبرده قومه، فقال لهم: إنما تستبردونني من طريق الحسد.
قالوا بيننا وبينك بشار العقيلي. فارتفعوا إليه، فقال له: أنشدني.
فأنشده، فلما فرغ قال له بشار: إني لأظنك من أهل بيت النبوة.
قال له: وما ذاك؟
قال: إن الله تعالى يقول: وما علمناه الشعر وما ينبغي له.
من كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه

الاثنين، 12 نوفمبر 2012

عرض إجمالي لتاريخ النحو العربي



لقد كان للقرآن الكريم أثر مهم في نشأة النحو العربي، إذ كان اللحن في تلاوته داعيا إلى وضع أبي الأسود الدؤلي ت (69 ) نقط الإعراب؛ ومن هنا كان نقط الإعراب البداية الفعلية للنحو العربي، وكان ذلك بعد منتصف القرن الأول الهجري.
وكشأن أي علم في بدايته، فقد بدأ النحو على هيئة ملاحظات يسيرة حول الصواب والخطأ في البنى والتراكيب.
ويبدأ القرن الثاني الهجري وتبدأ معه جهود جادة من النحاة أمثال: أبي إسحاق الحضرمي وأبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر، وينتهي علم هؤلاء إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي، ثم تلميذه من بعده سيبويه الذي استطاع أن يستوعب سمات تلك المرحلة، مرحلة النشأة.
وقد واكب بزوغ نجم سيبويه في البصرة نشأة النحو الكوفي، وكان شيخ الكوفيين في ذلك الوقت الكسائي، أحد القراء السبعة.
ولم تؤذن شمس القرن الثاني بالمغيب حتى كان النحاة ما بين بصري وكوفي، وبغداد يومئذ ملتقى المناظرات بينهما، وقد كان ذلك داعيا إلى نشأة اتجاه جديد، نشأ نتيجة الخلاف بين الكوفيين والبصريين، وهو الاتجاه البغدادي.
إن الدعامة التي قام عليها هذا الاتجاه هي المفاضلة بين آراء البصريين والكوفيين، وهذه الدعامة ألجأتهم إلى وضع معايير وأسس لهذا الاختيار؛ ومن هنا بدأ التأليف في الأصول الكلية التي تحكم النحو العربي، وكان ذلك على يد أبي الفتح عثمان بن جني في نهاية القرن الرابع الهجري.
ثم يأتي القرن الخامس ولا نجد إضافات ذات بال إلى هيكل النحو العربي، وفي بداية القرن السادس يضع جار الله الزمخشري كتابه المفصل ، وينحو في هذا الكتاب منحى تعليميا واضحا، ويسير ابن هشام على هذا المنحى التعليمي في مؤلفاته.
لقد كان لغلبة هذه النزعة المعيارية دور في خلق رد فعل عكسي تمثل في ظهور بعض المحاولات النقدية، وأبرزها محاولة ابن مضاء مؤلف كتاب الرد على النحاة.
ولم يكن لمحاولة ابن مضاء صدى في عصرها بقدر ما كان لها في العصر الحديث.
لقد شهد العصر الحديث محاولات لتيسير النحو، وانطلقت المحاولات من منطلقين: الأول: التأثر بآراء ابن مضاء، والثاني: التأثر بالمناهج اللغوية الحديثة في الغرب، وما زالت تلك المحاولات تتوالى حتى عصرنا الحالي.
المراجع
النحو وكتب التفسير لإبراهيم عبد الله رفيدة
سيبويه إمام النحاة لعلي لنجدي ناصف
نشأة النحو وتاريخ أشهرالنحاة لمحمد طنطاوي
المدارس النحوية لشوقي ضيف
اللغة بين المعيارية والوصفية لتمام حسان

الجمعة، 9 نوفمبر 2012

الأمل



تختلف نظرة الناس للأحداث التي تمر بهم ، بعضهم ينظر إلى الجانب الأفضل، وهؤلاء هم المتفائلون، وهم يعتقدون أن الأمور تسير نحو الأفضل، أما المتشائمون فعلى النقيض تماما.
وهناك مثال مشهور لتوضيح اختلاف نظرة الناس للأمور، فلو عرض على اثنين كوب من الماء مملوء إلى نصفه، لقال المتشائم إن نصفه فارغ، أما المتفائل فيقول: إن نصفه مملوء.
يرى المتفائلون أن كثيرا من الأحداث التي يراها الناس شرا هي في الحقيقة بداية الخير، فالنور يولد من قلب الظلمة ، وكل محنة تحوي في ثناياها منحة من الله.
والقارئ لسيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) يرى كيف يأتي فرج الله من قلب الشدائد، ففي عام الحزن فقد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اثنين من أعز الناس عليه، وأكثرهما نصرا له: عمه أبو طالب، وزوجته السيدة خديجة (رضي الله عنها)، وثالثة الأحزان عندما أراد (صلى الله عليه وسلم) أن يخرج إلى الطائف لنشر الدعوة هناك فقوبل بالسخرية والاستهزاء والضرب، فكان فرج الله وتسليته لنبيه (صلى الله عليه وسلم) في رحلة الإسراء والمعراج.
وفي غزوة أحد هُزم المسلمون، ولكن تلك الهزيمة كانت درسا للمسلمين عبر العصور، علمتهم أهمية طاعة الرسول (صلى الله عليه وسلم) لتحقيق النصر على الأعداء.
وفي غزوة الخندق حوصر المسلمون وجاءهم الخوف من كل مكان، وظن بعض الناس أن هذه المعركة ستكون نهاية الإسلام، فجاء النصر من الله بالريح التي أرسلها الله على معسكر الأعداء.
وفي طريق المسلمين لأداء مناسك العمرة منعتهم قريش، وعقد صلح الحديبية، وتسرب الشك إلى بعض القلوب، وعم الغضب ، ولكن بعد أعوام أدرك المسلمون أن ذلك الصلح كان خيرا للمسلمين، وأنه حقق ما لم تحققه المعارك.
تلك المواقف تؤكد أن النور يولد من قلب الظلمة، وأن فرج الله قريب، وأن اليأس والتشاؤم لا مكان لهما في حياة الإنسان صاحب الرسالة والهدف الأسمى.