الثلاثاء، 30 أكتوبر 2012

الأمير يحتطب ( مسرحية من التراث العربي )



المشهد الأول ( قاعة الحكم في قصر الملك )

المنظر : ستائر – كرسي العرش – شباك ( منظر شباك ملكي على ستاند خشبي متحرك )

تُفتح الستارة على ملك عجوز يجلس على كرسي العرش وهو واضع يده على جبهته  ويبدو عليه الحزن ، يقف بجانبه رئيس وزرائه ويبدأ بينهما هذا الحوار :

رئيس الوزراء متعجبًا : ماذا بك يا مولاي ؟ أراك حزينًا ؟

الملك وقد قام يمشي في حيرة : إنني أحمل همًا كبيرًا ، فأنا مشغول بأمر ابني ، وخائف عليه.

رئيس الوزراء : لماذا يا مولاي كلُّ هذا الخوف على الأمير ؛ فهو شاب عاقل محبوب من الجميع ؟

الملك : - بلهجة آمرة -  : اجمع ليَ الوزراء والحكماء حتى أستشيرَهم في هذا الأمر .

رئيس الوزراء بصوت عال وهو يقترب من الجمهور :

" بأمر مولانا الملك يعقد في الحال اجتماع يحضر فيه  جميع الوزراء والحكماء " .

ظلام ، ثم يدخل الوزراء والحكماء تِبَاعًا

الملك يجلس على كرسي العرش ويجلس حوله عدد من الوزراء والحكماء .

الملك : لقد جمعتكم اليوم لتشيروا عليَّ في أمر مهم .

وزير ( 1 ) : كلنا رهن إشارتك يا مولاي .

الملك : أنتم جميعًا تعلمون أني قد صرت شيخًا كبيًرا ، وقد دنا أجلي.

وزير ( 2 ) : - أطال الله – عمر مولانا الملك .

الملك : إنني خائف على المملكة من بعدي ، وأريد أن يُقيم ابني العدل فيكم ، وأن يحافظ على المملكة ، فماذا أفعل كي يصيرَ رجلا يُقَدِّرُ ما لديه ؟

وزير ( 1 ) : بالعلم يا مولاي ، اجعله يتعلم ، ويقرأ كثيرًا يصبحْ رجلا.

الملك : العلم بلا أخلاق يُهلك الأمم.

وزير( 2 ) : المال ، يا مولاي ، اجعل له مالا كثيرا ، يصبحْ قويا ويخضع له الجميع.

الملك : مالٌ بلا عقل يجعل  صاحبَه أحمقَ يُضيِّع المال ويضيِّع من حوله.

حكيم القصر : يا مولاي اجعله يعمل ، فلا شيءَ يرفع من قدر المرء، ويجعله حريصا على ما لديه؛ مثلُ العمل، وقديما قالوا: لا تخرج الكلمة من الرأس حتى يأكل الإنسان من الفأس.

الملك : نِعْمَ الرأيُ أيها الحكيم.

الوزراء بصوت عال: نِعم الرأي ....... نِعم الرأي.

الملك : بلهجة ملكية آمرة – أصدرنا نحن ملك البلاد  قرارا يقضي بأن يعملَ ولدُنا من الفجر حتى المغربِ، ولا يعودَ إلى القصر إلا بعد انتهائه من العمل.

المشهد الثاني ( في حجرة الملكة )

المنظر : ستائر – كرسي الملكة

الأمير : هل بلغك يا أمي ما قرَّره والدي؟

الملكة : نَعم يا بني ، وأنا مُشفقة عليك من هذا القرار.

الأمير : لا يا أمي ، لن أعمل كما تعمل الرعية ؛ فأنا لا أحتاج إلى العمل ، وقد استشرتُ أعز أصدقائي في حجرتي منذ قليل حول هذا الأمر فأيدني ، واقترح حلا أراه مناسبًا.

الملكة : لا يمكنك أن تخالف أمر الملك ، ولكن لِتُحْضِرْ صديقك ؛ لأعرف رأيه في هذا الموضوع.

الأمير : سأحضره حالًا يا أمي ، ويذهب مُسرعًا.

الملكة تمشي ، ويظهر عليها القلق والحيرة ، ثم يدخل الأمير، ومعه صديقه.

الأمير : ها هو صديقي يا أمي.

الملكة : مرحبا بصديق الأمير ، كيف حالك؟

صديق الأمير : أنا بخير يا مولاتي ، أنا رهن إشارتك.

الملكة : هل بلغك قرار الملك بأن يعمل الأمير.

صديق الأمير : نعم  .. نعم يا مولاتي ، لقد أخبرني الأمير بكل شيء .

الملكة : وماذا ترى؟

صديق الأمير : الأمير لا يحتاج إلى العمل ، يا مولاتي.

الملكة : نعم ، نعم ، ولكن ماذا نفعل؟

صديق الأمير : أقترح يا مولاتي أن تعطي الأمير كل يوم دينارا، ويجلس معي طوال اليوم ، ويعود في المساء ، ويخبر جلالة الملك بأنه قد عمل.

الملكة ( تهز رأسها ) : حيلة ماكرة.

الأمير : إنها حيلة ذكية يا أمي.

الملكة : إن الصدق منجاة يابني، وأنتَ تعرف أباك الملك ، ليس من السهل خداعُه.

الأمير : لا تقلقي يا أماه ، لن يعلم أبي.

الملكة : لا أدري . ( تسرح بنظرها ، ويسود المسرحَ الظلام ، بينما تُسَلَّط الأضواء على الملكة ، وهي جالسة تفكر )

المشهد الثالث ( في قاعة الحكم )

المنظر : ستائر – كرسي العرش – الشباك المتحرك

يدخل الأمير على الملك

الملك : كيف حال الأمير في أول يوم يعمل فيه ؟

الأمير : كسبت دينارا ، ها هو .

يأخذ الملك الدينار من ابنه ، وينظر إليه ويلقيه من شرفة القصر .

الأمير : لماذا ألقيت الدينار من الشرفة يا أبي ؟

الملك : هذا دينار بَخْسٌ ، لا قيمةَ له .

يطأطئ الأمير رأسه وينصرف ( ويسود المسرحَ ظلام تام )

المشهد الرابع ( في بيت صديق الأمير )

المنظر الأول : بيت الصديق – منضدة - أريكة

الصديق : ما رأيك أن نلعب في الخارج ؟

الأمير : حسنا ، وسأضع هذا الدينار الذي تعودت على إعطائه للملك هنا .

يضع الأمير الدينار على المنضدة وينصرفان

ظلام تام ، وتركز الأضواء على المنضدة ، وعليها كيس النقود .

ظلام تام

المنظر الثاني : خلفية لغابة – شجرة يابسة – قطع خشب – صخرة ( مقعد صغير مغطى بأوراق أو أقمشة ليبدو كصخرة )

يجلس الأمير فوق صخرة واضعا يده على خده ويبدو عليه الحزن الشديد ، وبينما هو جالس مستغرق في التفكير يمر عليه رجل يرتدي ملابس بالية ، ويبدو عليه الفقر ، ويحمل فوق كتفه فأسا صغيرة .

الحطاب : لماذا تجلس هكذا يا بني ؟

الأمير : وهو يكاد يبكي : لأن دينارا ضاع مني ولا أعرف ماذا أقول لوالدي .

الحطاب : قل له الحقيقة .

الأمير : بخوف شديد : لا .. لا ، لا أريد أن أغضبه .

الحطاب : لماذا لا تعمل معي يا بني ، وسأمنحك الدينار ؟

الأمير : لا أتقن عملا .

الحطاب : سأريك  كيف تحتطب .

الأمير : حقا ؟ شكرا لك .

يظل الأمير يقطع الأشجار ويعمل طوال اليوم حتى تغرب الشمس ، ثم يأخذ الدينار من الحطاب ويشكره ، ويهم بالعودة إلى الملك .

المشهد الخامس ( في قاعة الحكم )

المنظر : كرسي الملك – الشباك المتحرك

الملك يجلس على كرسي العرش وهو يفكر ، ويدخل عليه الأمير مسرورًا

الأمير ( بسرور ) : السلام عليك يامولاي ، تفضل ، هذا الدينار أجر عملي هذا اليوم.

كعادة الملك يأخذ الدينار ، وينظر فيه ، ثم يقوم ويقترب من الشرفة ، ويهمُّ برميه ، فيتعلق الأمير به . .

الأمير متوسلا : أرجوك يا أبي لا تلق هذا الدينار فقد اكتسبته من عمل يدي ، وتعبت كثيرا اليوم في جمع الحطب لأحصل عليه .

الملك : جمع الحطب ! .. هل تعبت حقا في عملك ؟

الأمير : نعم .... نعم يا والدي ، لقد تعبت ، وعرفت قيمة العمل .

الملك : صدقت .

الأمير : - مندهشًا – وما الذي يجعلك تصدقني هذه المرة ؟

الملك : لأنني في  كل مرة كنت أرمي فيها الدينار أجدك غير مهتم ، ولكن هذه المرة لم تترك تعبك يذهب هَباءً .

الأمير : حقا يا والدي ، لقد تعلمت الدرس .

يحتضن الملك ابنه بحنان ، وتخفت الأضواء ( ختام )

يدخل التلاميذ تباعًا لتحية الجمهور.

القصة من التراث العربي - أعدتها للمسرح : أ / عنايات أحمد
إعداد مدرسي :أ / محمد إبراهيم ، أ / عمرو بسطاوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق