المشهد الأول ( قاعة الحكم في قصر الملك )
المنظر : ستائر – كرسي العرش – شباك ( منظر
شباك ملكي على ستاند خشبي متحرك )
تُفتح الستارة على ملك عجوز يجلس على كرسي
العرش وهو واضع يده على جبهته ويبدو عليه الحزن ، يقف بجانبه رئيس وزرائه
ويبدأ بينهما هذا الحوار :
رئيس الوزراء متعجبًا : ماذا بك يا مولاي ؟
أراك حزينًا ؟
الملك وقد قام يمشي في حيرة : إنني أحمل
همًا كبيرًا ، فأنا مشغول بأمر ابني ، وخائف عليه.
رئيس الوزراء : لماذا يا مولاي كلُّ هذا
الخوف على الأمير ؛ فهو شاب عاقل محبوب من الجميع ؟
الملك : - بلهجة آمرة - : اجمع ليَ
الوزراء والحكماء حتى أستشيرَهم في هذا الأمر .
رئيس الوزراء بصوت عال وهو يقترب من الجمهور
:
" بأمر مولانا الملك يعقد في الحال
اجتماع يحضر فيه جميع الوزراء والحكماء " .
ظلام ، ثم يدخل الوزراء والحكماء تِبَاعًا
الملك يجلس على كرسي العرش ويجلس حوله عدد
من الوزراء والحكماء .
الملك : لقد جمعتكم اليوم لتشيروا عليَّ في
أمر مهم .
وزير ( 1 ) : كلنا رهن إشارتك يا مولاي .
الملك : أنتم جميعًا تعلمون أني قد صرت
شيخًا كبيًرا ، وقد دنا أجلي.
وزير ( 2 ) : - أطال الله – عمر مولانا
الملك .
الملك : إنني خائف على المملكة من بعدي ،
وأريد أن يُقيم ابني العدل فيكم ، وأن يحافظ على المملكة ، فماذا أفعل كي يصيرَ
رجلا يُقَدِّرُ ما لديه ؟
وزير ( 1 ) : بالعلم يا مولاي ، اجعله يتعلم
، ويقرأ كثيرًا يصبحْ رجلا.
الملك : العلم بلا أخلاق يُهلك الأمم.
وزير( 2 ) : المال ، يا مولاي ، اجعل له
مالا كثيرا ، يصبحْ قويا ويخضع له الجميع.
الملك : مالٌ بلا عقل يجعل صاحبَه
أحمقَ يُضيِّع المال ويضيِّع من حوله.
حكيم القصر : يا مولاي اجعله يعمل ، فلا
شيءَ يرفع من قدر المرء، ويجعله حريصا على ما لديه؛ مثلُ العمل، وقديما قالوا: لا
تخرج الكلمة من الرأس حتى يأكل الإنسان من الفأس.
الملك : نِعْمَ الرأيُ أيها الحكيم.
الوزراء بصوت عال: نِعم الرأي ....... نِعم
الرأي.
الملك : بلهجة ملكية آمرة – أصدرنا نحن ملك
البلاد قرارا يقضي بأن يعملَ ولدُنا من الفجر حتى المغربِ، ولا يعودَ إلى
القصر إلا بعد انتهائه من العمل.
المشهد الثاني ( في حجرة الملكة )
المنظر : ستائر – كرسي الملكة
الأمير : هل بلغك يا أمي ما قرَّره والدي؟
الملكة : نَعم يا بني ، وأنا مُشفقة عليك من
هذا القرار.
الأمير : لا يا أمي ، لن أعمل كما تعمل
الرعية ؛ فأنا لا أحتاج إلى العمل ، وقد استشرتُ أعز أصدقائي في حجرتي منذ قليل
حول هذا الأمر فأيدني ، واقترح حلا أراه مناسبًا.
الملكة : لا يمكنك أن تخالف أمر الملك ،
ولكن لِتُحْضِرْ صديقك ؛ لأعرف رأيه في هذا الموضوع.
الأمير : سأحضره حالًا يا أمي ، ويذهب
مُسرعًا.
الملكة تمشي ، ويظهر عليها القلق والحيرة ،
ثم يدخل الأمير، ومعه صديقه.
الأمير : ها هو صديقي يا أمي.
الملكة : مرحبا بصديق الأمير ، كيف حالك؟
صديق الأمير : أنا بخير يا مولاتي ، أنا رهن
إشارتك.
الملكة : هل بلغك قرار الملك بأن يعمل
الأمير.
صديق الأمير : نعم .. نعم يا مولاتي ،
لقد أخبرني الأمير بكل شيء .
الملكة : وماذا ترى؟
صديق الأمير : الأمير لا يحتاج إلى العمل ،
يا مولاتي.
الملكة : نعم ، نعم ، ولكن ماذا نفعل؟
صديق الأمير : أقترح يا مولاتي أن تعطي
الأمير كل يوم دينارا، ويجلس معي طوال اليوم ، ويعود في المساء ، ويخبر جلالة
الملك بأنه قد عمل.
الملكة ( تهز رأسها ) : حيلة ماكرة.
الأمير : إنها حيلة ذكية يا أمي.
الملكة : إن الصدق منجاة يابني، وأنتَ تعرف
أباك الملك ، ليس من السهل خداعُه.
الأمير : لا تقلقي يا أماه ، لن يعلم أبي.
الملكة : لا أدري . ( تسرح بنظرها ، ويسود
المسرحَ الظلام ، بينما تُسَلَّط الأضواء على الملكة ، وهي جالسة تفكر )
المشهد الثالث ( في قاعة الحكم )
المنظر : ستائر – كرسي العرش – الشباك
المتحرك
يدخل الأمير على الملك
الملك : كيف حال الأمير في أول يوم يعمل فيه
؟
الأمير : كسبت دينارا ، ها هو .
يأخذ الملك الدينار من ابنه ، وينظر إليه
ويلقيه من شرفة القصر .
الأمير : لماذا ألقيت الدينار من الشرفة يا
أبي ؟
الملك : هذا دينار بَخْسٌ ، لا قيمةَ له .
يطأطئ الأمير رأسه وينصرف ( ويسود المسرحَ
ظلام تام )
المشهد الرابع ( في بيت صديق الأمير )
المنظر الأول : بيت الصديق – منضدة - أريكة
الصديق : ما رأيك أن نلعب في الخارج ؟
الأمير : حسنا ، وسأضع هذا الدينار الذي
تعودت على إعطائه للملك هنا .
يضع الأمير الدينار على المنضدة وينصرفان
ظلام تام ، وتركز الأضواء على المنضدة ،
وعليها كيس النقود .
ظلام تام
المنظر الثاني : خلفية لغابة – شجرة يابسة –
قطع خشب – صخرة ( مقعد صغير مغطى بأوراق أو أقمشة ليبدو كصخرة )
يجلس الأمير فوق صخرة واضعا يده على خده
ويبدو عليه الحزن الشديد ، وبينما هو جالس مستغرق في التفكير يمر عليه رجل يرتدي
ملابس بالية ، ويبدو عليه الفقر ، ويحمل فوق كتفه فأسا صغيرة .
الحطاب : لماذا تجلس هكذا يا بني ؟
الأمير : وهو يكاد يبكي : لأن دينارا ضاع
مني ولا أعرف ماذا أقول لوالدي .
الحطاب : قل له الحقيقة .
الأمير : بخوف شديد : لا .. لا ، لا أريد أن
أغضبه .
الحطاب : لماذا لا تعمل معي يا بني ،
وسأمنحك الدينار ؟
الأمير : لا أتقن عملا .
الحطاب : سأريك كيف تحتطب .
الأمير : حقا ؟ شكرا لك .
يظل الأمير يقطع الأشجار ويعمل طوال اليوم
حتى تغرب الشمس ، ثم يأخذ الدينار من الحطاب ويشكره ، ويهم بالعودة إلى الملك .
المشهد الخامس ( في قاعة الحكم )
المنظر : كرسي الملك – الشباك المتحرك
الملك يجلس على كرسي العرش وهو يفكر ، ويدخل
عليه الأمير مسرورًا
الأمير ( بسرور ) : السلام عليك يامولاي ،
تفضل ، هذا الدينار أجر عملي هذا اليوم.
كعادة الملك يأخذ الدينار ، وينظر فيه ، ثم
يقوم ويقترب من الشرفة ، ويهمُّ برميه ، فيتعلق الأمير به . .
الأمير متوسلا : أرجوك يا أبي لا تلق هذا
الدينار فقد اكتسبته من عمل يدي ، وتعبت كثيرا اليوم في جمع الحطب لأحصل عليه .
الملك : جمع الحطب ! .. هل تعبت حقا في عملك
؟
الأمير : نعم .... نعم يا والدي ، لقد تعبت
، وعرفت قيمة العمل .
الملك : صدقت .
الأمير : - مندهشًا – وما الذي يجعلك تصدقني
هذه المرة ؟
الملك : لأنني في كل مرة كنت أرمي فيها
الدينار أجدك غير مهتم ، ولكن هذه المرة لم تترك تعبك يذهب هَباءً .
الأمير : حقا يا والدي ، لقد تعلمت الدرس .
يحتضن الملك ابنه بحنان ، وتخفت الأضواء (
ختام )
يدخل التلاميذ تباعًا لتحية الجمهور.
القصة من التراث العربي - أعدتها للمسرح : أ / عنايات أحمد
إعداد مدرسي :أ / محمد إبراهيم ، أ / عمرو بسطاوي