الخميس، 26 نوفمبر 2015

أين المفر؟

نص جدلي عن إنشاء دور المسنين في الوطن العربي
إبداع الطالبة / منة الله محمد



أتدري لماذا يصبح الديك صائحًا يردد لحن النوح في غُرة الفجر؟ ينادي لقد مرَّ من العمر ليلة, وها أنت ذا لا تشعر بذلك ولا تدري, العمر يمر في غمضة عين, دون الشعور به, كسارق هارب ليس لديه الوقت للنظر خلفه, لأنه في تلك اللحظة يُمكن للشرطة اللحاق به والقبض عليه, هكذا نحن كالشرطة, في مغامرة دائمة للبحث عن السارق, ورغم ذلك هو دائمًا يفرُّ من تحت أيدينا حتي نستيقظ ونجد أنَّ حياتنا قد مضت . . انتهي ريعان الشباب ليأخذ مكانه المشيب, مثلما قال الشاعر :
ذهب الشباب فما له من عودة  . . . وأتي المشيب فأين منه المهرب؟
ومع ذكر المشيب تُذكر دار المسنين, كأنما هو صياد يبحث عن فريسته منذ قديم الأزل ولا يستطيع أن يصدق أنه – و بعد طول انتظار- يملكها بين أنيابه, وليست لديه الإرادة أن يفك قيد أسرها في يوم من الأيام.
في الفترة الأخيرة تناثرت دور المسنين في الوطن العربي بأكمله, حتي فاضت الدور بهم, وهنا تعارضت الآراء , فهناك من يؤيد إنشاء دور المسنين كما يوجد من يعارضه.
بعض الناس يقولون: إنه ليس هناك أسباب تدعو الي إنشاء دور للمسنين, وكان بالأحري أن يهتم الأبناء بأهلهم ويوفروا لهم الرعاية، أسوة بهم عندما شملوا أبناءهم بالرعاية وهم صغار، واستشهدوا بقول الشاعر:
إذا كان بر الوالدين بعيونهم ذل . . .  فأنا الذليل ومرحبا بالمذلة
بالإضافة الي أنَّ مرحلة الشيخوخة مرحلة صعبة, يكثر فيها محاولات الانتحار, لذلك ليس من الصواب أن نزيد من حملهم ونصبح نحن القشة التي تكسر ظهورهم كما ينكسر ظهر البعير, ومع ذلك لم يمر سؤال بخاطرهم وهو: ما الذي سيحدث إذا لم يكن هناك أبناء علي الإطلاق؟
البعض الآخر ينصف دور المسنين في العالم العربي, فمجري الحياة ليس مضمونا, والطيبة لم تعد متواجدة في جميع القلوب بل إنها خلت من معظمها, فما ذنب امرأة كبيرة في السن خانتها الحياة وحاصرتها الأمواج العاتية . . أخذت منها أولادها أو حرمتها منهم بالمقام الأول؟ ماذا سيحل بها؟ أو رجل صفعته الحياة وحُرم أهم نعمة في الوجود: الصحة, مَن سيعتني به كما ينبغي؟ ففي هذه الحالة لا يمكن أن نغلق دور المسنين، فليس باليد حيلة.

قطار الحياة يمر سريعا، ولا ينتظر من فاته الميعاد, فهو لا يراعي الظروف ولا يهتم بالآلام , يوجد مسنون يُتركون غصبا في دار المسنين يوميًّا، وهذا شيء لا يمكننا أن نحلله ولا يباح أن ننكره, و في نفس الوقت لا يمكننا التغاضي عن ضرورته في الحياة, لأنه ليس كل منا لديه أحد يستند عليه في حياته, هناك من أصابه بلاء شديد من الله, ولكن رحمة الله واسعة, فكما أنه حرمهم من عكاز يلقون عليه حملهم, أوجد لهم مكانا يلقون فيه الرعاية، ويعيشون فيه حتي يحل بهم الأجل.  

الاثنين، 16 نوفمبر 2015

الدروس المستفادة من قصة موسى والخضر




من يقرأ القرآن يلحظ أنَّ القصص القرآني يشغل مساحة كبيرة منه، وليس ذلك لتسلية القراء والحُفاظ، وإنما سِيق هذا القصص ليكون عبرة للمؤمنين، ومُؤدبًا لهم، ولِمَا للقصص من تأثير في التربية والتهذيب، بالإضافة إلى أن الوعظ المباشر قد يبعث على الملل ويثير في النفس نعرات العزة والكبرياء، أما القصص فيتيح للعقل البشرى أن يذهب في فهم المضمون كل مذهب، فتتعدد الدروس المستفادة من القصة بتعدد أفهام الناس وثقافاتهم.
قام موسى (عليه السلام) يومًا خطيبا في بنى إسرائيل، فسأله أحدهم: يا موسى هل أنت أعلم أهل الأرض؟ فقال (عليه السلام): نعم، فعاتبه الله (تعالى)؛ إذ لم ينسب العلم إليه، وأمره أن يبحث عن عبد من عباد الله الصالحين (الخضر) أوتي من العلم ما لم يؤته موسى، وجدَّ النبي الكريم في البحث عن هذا الرجل الصالح حتى وجده، وبعد محادثة قصيرة بينهما أخبر الخضرُ موسى (عليه السلام) أن لديه علمًا ليس عند موسى، وأن موسى لديه علم ليس عند الخضر.
طلب موسى (عليه السلام) من الخضر أن يصحبه فترة من الزمن ليتعلم من علمه، فرد عليه الخضر بأن ما لديه من العلم قد لا يصبر عليه، ومع إصرار النبي الكريم وافق الخضر على ألا يسأله عن شيء مما يراه حتى يخبره في الوقت المناسب.
ركب موسى والخضر سفينة، ويبدو أن أصحاب السفينة كانوا على معرفة بالخضر وصلاحه فلم يأخذوا أجرًا، ومع ذلك شرع الخضر بعد قليل في خلع أحد ألواح السفينة، فتعجب موسى (عليه السلام) وذكَّره الخضر بما اتفقا عليه.
انطلقا حتى قابلا غلامًا فقتله الخضر، فأنكر عليه موسى؛ لأن القتل من كبائر الذنوب، فذكَّره الخضر، ثم سارا.
وصلا إلى قرية، وطلبا من أهل القرية أن يقوموا معهما بواجبات الضيافة، فلم يجدا إلا الصدَّ والمنع، ومع ذلك شرع الخضر في إصلاح جدار داخل تلك القرية، ثم انصرفا، فتعجب النبي الكريم، وهنا بدأ الخضر في تفسير تلك الأمور الغامضة للنبي الكريم.
أما السفينة فإن هذا اللوح المكسور أنقذها من استيلاء أحد الملوك عليها، فقد كان هذا الظالم يستولي على كل سفينة صالحة تسير في البحر، وأما الغلام فقد كان عاقًا ومن الممكن أن يزيد من عناء والديه وشقائهما، وأما الجدار فتحته كنز ليتيمين، وقد بناه لهما ليستخرجاه إذا كبرا.
الدرس الرئيس في تلك القصة والذي هو سبب ورودها هو نسبة العلم إلى الله، وأن العلم قِسمة بين بني البشر، لا يختص به أحد دون غيره؛ لدى العالم علم غزير ليس لدى الفلاح الأمي، ولكن هذا الفلاح الأمي لديه من العلم ما ليس لذلك العالم.
التواضع كذلك من الدروس المستفادة من تلك القصة؛ فموسى الكليم، أحد الرسل أولي العزم لم يتكبر على تلقي العلم عن أحد عباد الله الصالحين (الخضر) فصحبه، وكان منه بمنزلة التلميذ من الأستاذ.
قضاء الله وقدره دائما خير، ربما نرى الأمر برؤيتنا المحدودة وعقولنا القاصرة فنظن أنه شر لَحِق بنا، وحقيقته خيرٌ محض أراده الله لنا، قال (تعالى) في سورة النور: (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم، لا تحسبوه شرا لكم، بل هو خير لكم)، وهكذا كانت حادثة الإفك مميزة للمؤمنين عن المنافقين، ولا شك أن هذا التمييز مكسب عظيم للمجتمع المسلم.
ولم يكن تكسير السفينة أو موت الغلام شرا خالصا، فثمَّ قضاء الله وقدره ولطفه بعباده.

على المستوى الشخصى – في أحيان كثيرة – أسترجع بعض الذكريات التي لم أسعد بها في وقتها، ثم أفكر في نتائجها فأجد الأمر مختلفا، فأحمد الله مدبر الكون، ومقدر الحوادث، الذي يرحم الإنسان الضعيف، ويلطف به، وأقول دائما: لعله خير.

الأحد، 15 نوفمبر 2015

أمطار اليأس

من إبداعات الطالبة/ سماء أحمد

أحضر ورقة بيضاء وضع فيها نقطة سوداء، ثم اسأل مَن حولك: ماذا ترون؟ سيقولون نقطة سوداء، حقًّا! وماذا عن الورقة البيضاء، لماذا لم يذكرها أحد؟ أتعرف لماذا! لأن نظرتنا للحياة نظرة سلبية نرى فيها فقط نقطا سوداء، وننسى الصفحة البيضاء؛ لأن بصيرتنا تائهة بين إشارة عقلنا المظلمة التى لا ترى غير ذات ضائعة، فأصبحنا نرى بعين لا ترى.
قل لى فيم تفكر أقُل لك مستقبلك، تشرق الشمس من الشرق، وتغيب من الغرب، ونحن كذلك نشرق معها بأمل وحياة وطموح، ومنَّا مَن تشرق معه الغيوم، ولا تتركه الهموم فيصبح صيفه شتاءً، وعندما ينظر للسماء تسقط عليه أمطار اليأس الذى يملؤه، فتغيب شمسه، ويغيب هو معها كمن شاب وهو لا يزال فى ريعان شبابه.
هذه هي حياتنا، لا نفهم أن نظرتنا للحياة هى المحور الأساسي للتطور، فهناك مقولة تقول: لن تستطيع منع طيور الهمِّ أن تحلق فوق رأسك لكنك تستطيع أن تمنعها أن تعشش فى رأسك.

فمن ينظر للحياة بإيجابية لا تقيد طموحه سلاسل اليأس، وتنفتح له الأبواب المغلقة، وتجلب له القوة والطاقة والمبادرة، وصعودا بعد سقوط؛ وذلك لأن الإنسان الإيجابي يفكر في الحل لا المشكلة، ويرى الحل لكل مشكلة، يصنع الأحداث، يسعى للتطور بشتى الطرق فلا توقفه أمطار اليأس، فينتظر غده المضيء، وغدا لناظره – بإيجابية - قريب.