الجمعة، 14 ديسمبر 2012

اللغة المشتركة


اللغة "أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم" أو: "نظام من الرموز الصوتية المنطوقة تستخدمه جماعة معينة من الناس بهدف الاتصال وتحقيق التعاون فيما بينهم".
تلك البيئة التى تستخدم اللغة تنقسم إلى بيئات صغرى، وتلك البيئات تستخدم كل منها لهجة تختلف عن لهجة البيئة الأخرى، ويشترك فى هذه الصفات جميع أفراد هذه البيئة".
والعلاقة بين اللغة واللهجة هى العلاقة بين العام والخاص؛ فاللغة: " هى البيئة الشاملة التى تتألف من عدة لهجات".
إن علاقة أى لهجة بأخرى يحكمها نوعان من العوامل: عوامل انقسام، وعوامل توحد، فمن عوامل الانقسام: "سوء الاتصال أو صعوبته، وعدم الاختلاط الاجتماعى لأى سبب من الأسباب"، ومن عوامل التوحد: وقوع تلك البيئات الصغرى تحت سلطة مركزية واحدة، ورحلات الحج، والزواج المختلط، كما تقوم المنتديات الأدبية بدور مهم فى التوحيد والتقريب بين اللهجات.
إن وجود هذين النوعين من العوامل -دون تغلب أحدهما على الآخر- أدى إلى ظهور ما يسمى باللغة المشتركة، أو ما نصطلح على تسميته (باللغة الفصحى).
ولكن، كيف نشأت هذه اللغة المشتركة؟
لقد كان لكل قبيلة لهجة خاصة بها؛ أدى إلى وجود تلك اللهجات ما كان يفصل بين تلك القبائل من جبال ومرتفعات، ولكن عزلتهم لم تكن عزلة تامة، بل تيسرت لهم سبل الاتصال من حج وتجارة وأسواق أدبية، ويبدو أن هذا الأخير كان له دور بارز فى ظهور اللغة المشتركة، فقد كان "الشعراء والخطباء هم الذين خلقوا هذه اللغة الأدبية المشتركة"؛ فلكي يؤدى الخطيب رسالته كاملة واضحة، وليترك سامعيه مشدوهين معجبين بلباقته كان عليه أن يتحاشى تلك الصفات المحلية التى تتصل بلهجة من اللهجات" ، وهذا ما حدث؛ " لهذا توحدت القبائل فى لغة أدبية ممتازة مختارة الألفاظ يعمد إليها الشاعر والخطيب كلما عَنَّ له القول".
ونخلص من ذلك إلى أن اجتماع عوامل الانقسام وعوامل التوحد أدى إلى وجود مستويين من مستويات اللغة:
الأول- مستوى اللهجات ، ويستعمل فى شئون الحياة اليومية.
الثانى - مستوى الفصحى، ويستعمل فى المواقف الجدية، والعامة من: خطابة، أو تأليف، أو محادثة.
وكانت هذه الفصحى لغة الأدب الجاهلى، ثم القرآن الكريم بعد ذلك.
لقد نشأت الفصحى -أول ما نشأت- فى أسواق العرب، التى كانت تقام -فى الغالب- فى شهور الحج، و بالقرب من مكة، وكانت وفود العرب تحضر تلك الأسواق، ثم تعود إلى مواطن قبائلها حاملة معها اللغة المشتركة؛ ولذلك فقد كانت تلك اللغة تستخدم -فى المواقف الجدية- داخل محيط القبيلة، مثل مجالات التشاور والحروب وأماكن العبادة.
ولا يعنى استخدام اللغة المشتركة بالقرب من قريش -أن تلك اللغة هى لهجة قريش، كما يرى بعض العلماء، وإنما الفصحى حصيلة لهجات عديدة "فلا يحق لنا أن نقول مثلا، إن اللغة المشتركة هى لغة قريش، أو تميم، أو غيرهما من قبائل العرب، بل هى مزيج من كل هذا، تكونت له شخصيته وكيانه وأصبح مستقلا عن اللهجات".
مراجع ومصادر
الخصائص لابن جني
مدخل إلى اللغة، د/ البيلي
في اللهجات العربية، د/ إبراهيم أنيس
علم اللغة الاجتماعي، د/ كمال بشر
مدخل إلى اللغة، د/ محمد حسن عبد العزيز
المستوى اللغوي، د/ محمد عيد
فصول في فقه العربية، د/ رمضان عبد التواب
فقه اللغة، د/ علي عبد الواحد وافي

هناك تعليق واحد: