الأحد، 9 يونيو 2013

فرج الله


في كثير من الشدائد والمحن التي تمر بها أمتنا تصيبنا حالة من استبطاء الفرج والنصر من الله، ونظن أن إيماننا ونقاء سرائرنا كافيان لتفريج الكروب، وتحقيق أمانينا وطموحاتنا، ولكن النصر ما زال بعيد المنال، وما زالت الهموم جاثمة على صدورنا، فمتى نصر الله؟!
نال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نصيبا وافرا من تأييد الله له، ولكن لم يأت ذلك التأييد سهلا ميسورا، على نحو ما نرى في الدراما فيما عُرف بالعصا السحرية، وإنما جاء بعد جهد وعرق وتذلل وخضوع لخالق السماوات والأرض، كان تأييد الله لنبيه يأتي بعد استنفاد كل ما في الوسع من أسباب دنيوية.
في مكة تعرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للإيذاء والحرب الشرسة، ثم مات عمه أبو طالب الذي كان دوما ينصره، ثم ماتت السيدة خديجة (رضي الله عنها) في العام نفسه، ولم يلقَ الرسول (صلى الله عليه وسلم) من قريش إلا الصد والجحود، فيفكر في الدعوة بالقرب من مكة؛ فيذهب إلى الطائف، محاولا نشر الإسلام هناك، فيتعرض للضرب والإهانة، وعند عودته إلى مكة تحول قريش دون دخوله مكة، فيضطر الرسول الكريم المؤيد من رب العالمين إلى الاستعانة بأحد سادة قريش ليدخل مكة مرة أخرى.
كل ذلك ولم يحدث أن استبطأ الرسول (صلى الله عليه وسلم) فرج الله ونصره، وإنما كان يعمل ويعمل، يصل الليل بالنهار، ويعمل، ويبذل الوسع والطاقة؛ حتى جاءته دعوة من الله كفيلة بأن تُسري عنه كل ما عاناه من إيذاء، وكانت رحلة الإسراء والمعراج، لتفتح أمام الرسول (صلى الله عليه وسلم) عوالم لم يطلع عليها أحد من خلق الله قبل ذلك.
في غزوة أحد يتوقع قارئ السيرة النبوية أن ينتصر المسلمون لمجرد وجود الرسول (صلى الله عليه وسلم) في مقدمة ذلك الجيش، ولكن يُهزم المسلمون، وتكون لتلك الهزيمة حكمة ربانية، تعلي من قيمة طاعة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وتنبه المسلمين أن الغنائم والمكاسب المادية ليست من أهداف الجيش المسلم، وأن المسلم لن ينتصر إلا إذا جعل الدنيا وراء ظهره.
وفي غزوة الأحزاب تعب المسلمون في حفر خندق حول المدينة المنورة، وأصابهم خوف شديد، ثم نزل عليهم نصر الله لهم بالريح، (وما يعلم جنود ربك إلا هو) (المدثر).

قال تعالى: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (يوسف)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق