الأحد، 27 مايو 2012

الفلاح الفصيح ( من التراث الفرعوني )


في أيام الفراعنة كان هناك فلاح طيِّب يعيش مع زوجته وأطفاله في ( وادي النَّطْرُون ) ، وكان ذلك الفلاح فصيحًا بليغًا .
وكان يسافر في مَوْسِم الحَصاد إلى العاصمة ليبيعَ محصوله ، وفي إحدى المَرَّات سَافَرَ ومعه حَمِيره تحمل محصوله ، فرآه أحد الموظفين اسمه ( تُحُوتِ نَخْت ) ، فطَمِعَ فيما يحمله الفلاح، وفكر في حِيلة يأخذ بها ما معه.
وكان الفلاح سَيَمُرُّ من على جِسر بالقرب من بيت ( تُحُوتِ نَخْت ) ، وكان ذلك الجِسر ضيقًا، وعلى جانب منه قمح لـ ( تُحُوتِ نَخْت ) ، ففرشَ ثيابَه على الجانب الآخر ، وعندما أقبل الفلاح حَذَّره من أن يَدُوس على ثيابه ، أو أنْ تأكل حَميره من قمحه .
بدأ الفلاح يعبُرُ الجِسر بِحِرْصٍ شديد ، ويمنع الحميرَ الأكلَ من القمح قدر ما يستطيع ، ولكن أحد الحمير مَدَ فمه وأكل بعضَ أعواد القمح ، فثار (تُحُوتِ نَخْت) وضرب الفلاحَ ضربًا شديدًا ، وأخذ كل ما معه من حَمير وما تحمله ، فأخذ الفلاح يبكي بشدة ، ثم قال له : " سأذهب إلى الوزير ( رِنزي ) لأشكوك ؛ فضربه بقسوة مرة أخرى ، فقال الفلاح : " إنك تضربني ، وتسرق متاعي ، وبعد ذلك تغتصب الشَّكَايةَ من فمي ، لكني لن أصمت ، وسوف أشكوكَ إلى الوزير أو الفِرعون حتى أستردَّ حقي".
وذهب الفلاح إلى الوزير ، وعرض شَكْوَاهُ بكل فَصَاحة وطَلاقة ، فأُعْجِبَ الوزيرُ ببلاغته ، وقرر أن يرفعَ شأنه إلى الفِرعون ، فقال الفرعون لوزيره : " لا تُجِبْ شَكْوَاهُ بِسُرْعَةٍ ، واكْتُبْ ما يقوله كُلَّ يَوْمٍ ، وأرْسِلْهُ لِي ؛ لنستمتعَ بأسلوبه ويكونَ كلامُهُ من الوَثَائق الأدبية الجَيِّدَة ، ولكن أرْسِلْ له طعامًا كلَّ يَوْم ، دُونَ أنْ يَعْرفَ مَصْدَرَهُ ، ومُدَّ أسرتَه بما يحتاجون من أموال وطعام " .
وظَلَّ الفلاح الفصيح يَتَرَدَّدُ على الوزير يوميًا دُونَ يَأْسٍ ، يَقِفُ أمَامَهُ ، ويَصْدَحُ بِشَكْوَاهُ ، ويطلب حَقَّهُ في كلمات بَلِيغَةٍ ، وكان الوزيرُ قد أمَرَ بِكِتابة ذلك دُونَ أنْ يَشْعُرَ ، حَتَّى بَلَغَتِ الشَّكَاوَى تِسْعَ خُطَبٍ بَعْدَ تِسْعَةِ أيَّامٍ ، ثمَّ أعلموه أمرَ الفِرْعَونِ ، وقَرَءُوا عليه الشكاوَى ، ثم أمرَ الوزيرُ بإحضار (تُحُوتِ نَخْت) وعَاقَبَهُ، وأعطى الفلاح حقوقَه ، وكافأهُ بمكافأةٍ كبيرةٍ .
 ومن نماذج ما كتبه الفلاح الفصيح : " جعلت يا سيدي أبا لليتامى ، وعائلا للأيامى ، وأخا للمحرومين . اسمك على رأس شرعة العدل ، ونفسك عالية تكبح جماح الظالم ، وتقيم ميزان الحق ، أنصت إلى شكواي ، واستجب إلى دعائي ، ليعود الحق إلى نصابه ، وارفع عني ما ألم بي من جور " .
" يا سيدي الرئيس ، أنت الصالح المؤمن ، البار بأرزاق الناس ، كأنك النيل تخضر به الحقول ، ويحيا به موات الأرض ، في حماك يأمن الناس غائلة المعتدين ، ولا يمنع السائل عن بابك ، لا تستخف بأمري ، ففي رقبتك شكاية الضعفاء ، أنزل بالمسيء عقابك ، حتى لا يختل ميزان العدالة في يدك ، فتهبط كفة ذنوبك يوم الحساب " .
" واجبك أن تصغي إلى الشاكي ، وتفصل بين المحتكمين إليك ، وظيفتك حمايتي من المعتدي ، لا أن تقف إلى جانبه ، أقم من نفسك للفقير سدا يحميه من الفيضان ، ولا تكن كالسيل الذي يجرفه " .

الخميس، 24 مايو 2012

إعراب ( كيف ) الاستفهامية


- تعرب اسم استفهام في محل نصب على الحال إذا كان بعدها فعل تام ، مثل : كيف سافرت؟
- تعرب اسم استفهام في محل رفع خبر مقدم إذا كان بعدها اسم أو فعل ناقص ، مثل : كيف أنت ؟ أو : كيف كان ذلك ؟
- أما في قوله تعالى : ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) فتعرب نائبا عن المفعول المطلق .

من كتاب مفتاح الإعراب للأستاذ / محمد أحمد مرجان

الأربعاء، 23 مايو 2012

أحد النحاة يشتري حمارا



دخل أحد النحويين السوق ليشتري حمارًا ، فقال للبائع : أريد حمارًا لا بالصغير المحتقر ، ولا بالكبير المشتهر، إن أقللتُ علفه صبر، وإن أكثرتُ علفه شكر، لا يدخل تحت البواري، ولا يزاحم بي السواري ، إذا خلا الطريق تدفق ، وإذا كثر الزحام ترفق .
قال البائع : دعني إذا مسخ الله القاضي حمارا بعته لك .

الخميس، 10 مايو 2012

هل جالت باللب الريب ؟







هـَـلْ جَالَـتْ باللُّـــبِّ الرَّيَبُ؟
مَهْلًا، مَـــا بِي جَــزَعٌ، لَـكِنْ
وَقَــدِيمًا قَــــدْ قَــالَ الحُكَمَا
قدْ عَـظُـمَتْ زَلَّاتُ البَــاغِــي
وَيَبيتُ أمِـــيــنٌ فِي المَنـفَـى
وَإذا مَــا نَـــــادَيْـتَ لأدَبٍ
قَــسَمًا  مَا أخْطــأ ذُو قَــوْلٍ
لَـمَّا ذهَـبـَـتْ شِــيَـمُ البِـرِّ
هَــانَـتْ أمْـجَــادٌ بالشَّـرْق
تَعِسَتْ أرْضٌ يَعْوِي فِيــــــهَا


أمْ أنَّ نـَذِيـــرًا يَـقــتَـرِبُ؟
يَأتِي قَــبْـلَ الحُــكْم السَّـبَـبُ
اعْرَفْ سَبَبًا يُمْـــحَ العَــجَـبُ
وَالناسُ علــــى أمْرٍ غُــلِـبُوا
ظُـلْمًا، بَلْ يُسْـــتَـرْعَى الذِّئْبُ
قَــالُوا هُــزُوًا : مَـاتَ الأدبُ
يَــنْـعَى أقْــوَامًا قَـدْ ذهَبُـوا
لَـمَّا ضَاعَ الخُـلُـقُ العَـــذبُ
وَبِجَهْـلٍ قَــَدْ تُـبِــعَ الْغَرْبُ
نَـحْـوَ الليْـثِ الحَــامِي كَـلبُ

أ / محمد إبراهيم عبد المهيمن


الأربعاء، 9 مايو 2012

الهمزة بعد سواء

إذا وقعت الهمزة بعد سواء ، فتعرب سواء خبرًا مقدمًا ، والمصدر المنسبك من الهمزة وما بعدها مبتدأ مؤخر ، مثال : سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين ، سواء خبر مقدم ، أوعظت : مبتدأ مؤخر ، والتقدير : وعظك وعدمه سواء علينا .
من كتاب مفتاح الإعراب ، لأستاذ / محمد أحمد مرجان

الثلاثاء، 8 مايو 2012

أمة الجرذان




في أحْـدَاثٍ غـُـمَـر عَـسِـرَة                  شَـهـدَتْ فِــرَقــًا شَـتــَّى فــَـتِـرة

وضـلالا مــن قـوم هـانــوا                  كـانـوا عــلمًا صـاروا نـكـــــرة

فـتراهــم مـلـيـــــارًا أو زِدْ                 كـغـثــاءٍ  مــــن يرجـــو خيـره؟

زعمـوا أن الجرذان رَجَتْ                 هُـدَنــًا للسِّـلم مــــع  الهـــــررة

و نست كــم ويـلاتٍ ذاقـت                 من هــــرٍ من جـنـس النــــمـرة

و تناست مخلابــًا اعـتـــــ                 ــــاد الخدش بأحـكـام الفـطـــرة

فــي أول يـوم لان الهـــــــ                ـــــر اسـتـدراجــًا يـُخـفـي شـره

سـعت الجرذان بسـاحـتها                فــي كل رجًا تــُـعْـــلـي ذِكـْــــرَه

فــي اليــوم التالي صَبَّحَها               جُرَذٌ يَـنـعَـى منــــــــها عـشـْـرة

وبلـيْـل قد أمـسـى الجـــاني              يـُبْـقـي فـي سـاحـتـِها أثـَـــــــرَه

قــتـلا .. تـمثـيلا .. تـشريـدًا             ودمـــــاءً بـاتـت مـنــتـشـــــــرة

كم جرذانٍ قـد راعـتــهــــــا             سَـاحٌ مُـلـِــــئـَـت جُـثـثا نخـِـرة !

جَـالـَتْ و بَكَتْ ثـُـمَّ ارتعـدتْ             قـالـتْ وبـأعـيـــنِـها حَسْــــــرَة:

جـهلتْ . . هل أيمانٌ تـُرجى            من جنـس لمْ نـَـأمَنْ غـَـــــدْره؟


أ / محمد إبراهيم عبد المهيمن
1 مايو 2010 م

السبت، 5 مايو 2012

سيبويه


بشر عمرو بن عثمان بن قنبر البصري ، المعروف بسيبويه ، إمام العربية وشيخ النحاة الذي إليه ينتهون ، وكتابه في النحو ( الكتاب ) أول كتاب منهجي يدون قواعد اللغة العربية .
ولد في شيراز ببلاد فارس سنة 140 هـ ، وقدم إلى البصرة غلاما ، ونشأ فيها وأخذ عن علمائها ، وعلى رأسهم الخليل بن أحمد الفراهيدي .

قصة ( الأخوان ) من التراث الشعبي



ورث أخوان عن أبيهما قدرًا من المال ، فاقتسماه بينهما مناصفةً، ثم استطاع أحدهما بحسن تدبيره أنْ يرعى ماله وأن ينميه ، في حين أنَّ الآخر أسرف في الإنفاق حتى فقد ماله عن آخره ، ولما أصبح الأخ الأخير فقيرا، ولم يعد لديه مال ينفق منه - سولت له نفسه أن يسطو على بيت أخيه ويسرقه في أثناء الليل، فلما جنَّ الليل دخل مخزن غلال أخيه وهمَّ بسرقة جوال من الدقيق، ولكنه فوجئ بشخص يرمُقُه ويهدده إنْ لم يترك الجوال ، فلما سأله الأخ عمن يكون ، أجابه أنه حظ أخيه ، وهو يقوم بحراسته وحراسة أمواله ، عند ذاك سأله الأخ : ولكن ، أين أجد حظي؟ فأجاب: إنه ساكن في الجبل الشرقي، فاذهب واطلب منه أن يرعاك كما أرعى أخاك.
شكر الأخ حظ أخيه ، ثم اتخذ طريقه إلى حظه ، ولكن الطريق كان طويلًا، وكان لابد له من أن يجتاز فيه الغابات ويصعد الجبال، وبينما كان سائرًا في غابةٍ أبصر أسدًا قادما من بعيدٍ، فأسرع وتسلق شجرة ريثما يجد الأسد ما يفترسه ، وعندئذ لا يطمع في افتراسه، وبعد قليلٍ اصطاد الأسد غزالةً وأسرع في التهامها ، ولكنه ما كاد يفرغ من التهامها حتى نظر إلى الأخ كأنما يترقب نزوله، عند ذاك شرح له الأخ مهمته ، ورجاه أن يتركه ليسعى إلى حظه حتى يوقظه؛ فاستجاب الأسد لتوسله، ولكنه رجاه أن يسأل حظه عن السبب الذي من أجله لا يشبع الأسد قَطّ مهما التهم من فرائس، فوعده الشاب أن يلبي مطلبه، وهبط من أعلى الشجرة ، ومضى في طريقه.
ثم تقابل الأخ مع فلاح وأخذ يتحدث معه ، واستضافه الفلاح وأكرمه، ثم طلب منه أن يمكث معه ويعينه في فلاحة الأرض ويأخذ أجره، ولكن الشاب اعتذر بأنه ذاهب لإيقاظ حظه، عند ذاك توسل إليه الفلاح أن يسأل حظه عن السبب في أنه يبذل جهدا كبيرا في فلاحة الأرض ومع ذلك فهي لا تثمر، فوعده الشاب أن يحقق مطلبه، ثم ودَّعه ورحل.
وصادف في طريقه قصرًا فدخله، وطلب من أصحابه أن يستضيفوه تلك الليلة ، فاستضافه الملك وأكرمه كل الإكرام ، وطلب منه أن يبقى بالقصر يوما أو يومين، ولكنه اعتذر بأنه ذاهب في مهمة كبيرة، هي إيقاظ حظه، عند ذاك طلب منه الملك أن يسأل حظه عن السبب في عدم رضاء الرعية عنه على الرغم مما يبذله من جهد في سبيل إرضائها ، فوعده الشاب أن يفعل ذلك، ثم اتخذ بعد ذلك طريقه إلى الجبل الشرقي، وكان قد أصبح منه قاب قوسين أو أدنى.
وهناك في الجبل وجد حظه يغُطُّ في نوم عميقٍ، فأخذ يركُلُهُ برجله حتى أيقظه، ثم أخذ يعتب عليه أنه نام عنه، ولم يعد يرعاه رعاية حظ أخيه إياه، ورجاه أن يظلَّ يقظا، فوعده حظه أن يفعل ذلك فسعد الشاب بذلك وتأهب للعودة، ولكنه قبل أن يفعل ذلك تذكر الوعود التي وعد بها الأسد والفلاح والملك، عند ذاك عرض على حظه أسئلة هذه الشخوص الحائرة ليجيب عنها، فقال حظه: قل للملك ألا يخدع شعبه لأنه في حقيقة الأمر امرأة متنكرة في شكل رجل، والشعب يعلم ذلك، وإنْ لم يصارحه به خوفا من جبروته، وقل للفلاح أن يستخرج أولا الكنز الذي في أرضه، وعند ذاك ستثمر الأرض، وقل للأسد أن يفترس رجلا فاسدا، وبعد ذلك سيشعر بالشِّبع بعد الأكل.
عاد الشاب إلى بلده ، وفي طريقه أبلغ الملكة المتنكرة رد حظه عن سؤالها، فوعدته الملكة أن تفعل ذلك وطلبت منه أن يبقى معها وأن يتزوجها، ويعينها في حكم شعبها، ولكنه اعتذر؛ لأنَّ حظه قد استيقظ، ثم أبلغ الفلاح برد حظه عن تساؤله، فطلب منه الفلاح أن يساعده في استخراج الكنز، ثم يقتسمه معه، ولكنه اعتذر له كذلك بأن حظه كان قد استيقظ، وفي النهاية أبلغ الأسد وقال له: لا بد أن تلتهم رجلا فاسدًا حتى تشعر بالشبع بعد الأكل، عند ذاك أجابه الأسد: وهل يمكنني أن أجد من هو أفسد منك؟ ثم هجم عليه وافترسه.

من كتاب ( قصصنا الشعبي من الرومانسية إلى الواقعية ) ،  د/ نبيلة إبراهيم

الثلاثاء، 1 مايو 2012

ضمير الفصل

يجوز في اللغة العربية :
كان محمَّد هو الناجِحَ، أو : كان محمَّد هو الناجِحُ .
التعليق: كلا الاستعمالين فصيح ، فالأول باعتبار (هو) ضمير فَصْل، ويعرب ما بعده حسب حاجة ما قبله، أي تكون (الناجِحَ) خبر (كان)، أما المثال الثاني فباعتبار (هو) ضمير رفع منفصل، يقع مبتدأ ومابعده (الناجِحُ) خبر، وتكون الجملة من المبتدأ والخبر خبر (كان).
من كتاب ( معجم الصواب اللغوي )