السبت، 5 مايو 2012

قصة ( الأخوان ) من التراث الشعبي



ورث أخوان عن أبيهما قدرًا من المال ، فاقتسماه بينهما مناصفةً، ثم استطاع أحدهما بحسن تدبيره أنْ يرعى ماله وأن ينميه ، في حين أنَّ الآخر أسرف في الإنفاق حتى فقد ماله عن آخره ، ولما أصبح الأخ الأخير فقيرا، ولم يعد لديه مال ينفق منه - سولت له نفسه أن يسطو على بيت أخيه ويسرقه في أثناء الليل، فلما جنَّ الليل دخل مخزن غلال أخيه وهمَّ بسرقة جوال من الدقيق، ولكنه فوجئ بشخص يرمُقُه ويهدده إنْ لم يترك الجوال ، فلما سأله الأخ عمن يكون ، أجابه أنه حظ أخيه ، وهو يقوم بحراسته وحراسة أمواله ، عند ذاك سأله الأخ : ولكن ، أين أجد حظي؟ فأجاب: إنه ساكن في الجبل الشرقي، فاذهب واطلب منه أن يرعاك كما أرعى أخاك.
شكر الأخ حظ أخيه ، ثم اتخذ طريقه إلى حظه ، ولكن الطريق كان طويلًا، وكان لابد له من أن يجتاز فيه الغابات ويصعد الجبال، وبينما كان سائرًا في غابةٍ أبصر أسدًا قادما من بعيدٍ، فأسرع وتسلق شجرة ريثما يجد الأسد ما يفترسه ، وعندئذ لا يطمع في افتراسه، وبعد قليلٍ اصطاد الأسد غزالةً وأسرع في التهامها ، ولكنه ما كاد يفرغ من التهامها حتى نظر إلى الأخ كأنما يترقب نزوله، عند ذاك شرح له الأخ مهمته ، ورجاه أن يتركه ليسعى إلى حظه حتى يوقظه؛ فاستجاب الأسد لتوسله، ولكنه رجاه أن يسأل حظه عن السبب الذي من أجله لا يشبع الأسد قَطّ مهما التهم من فرائس، فوعده الشاب أن يلبي مطلبه، وهبط من أعلى الشجرة ، ومضى في طريقه.
ثم تقابل الأخ مع فلاح وأخذ يتحدث معه ، واستضافه الفلاح وأكرمه، ثم طلب منه أن يمكث معه ويعينه في فلاحة الأرض ويأخذ أجره، ولكن الشاب اعتذر بأنه ذاهب لإيقاظ حظه، عند ذاك توسل إليه الفلاح أن يسأل حظه عن السبب في أنه يبذل جهدا كبيرا في فلاحة الأرض ومع ذلك فهي لا تثمر، فوعده الشاب أن يحقق مطلبه، ثم ودَّعه ورحل.
وصادف في طريقه قصرًا فدخله، وطلب من أصحابه أن يستضيفوه تلك الليلة ، فاستضافه الملك وأكرمه كل الإكرام ، وطلب منه أن يبقى بالقصر يوما أو يومين، ولكنه اعتذر بأنه ذاهب في مهمة كبيرة، هي إيقاظ حظه، عند ذاك طلب منه الملك أن يسأل حظه عن السبب في عدم رضاء الرعية عنه على الرغم مما يبذله من جهد في سبيل إرضائها ، فوعده الشاب أن يفعل ذلك، ثم اتخذ بعد ذلك طريقه إلى الجبل الشرقي، وكان قد أصبح منه قاب قوسين أو أدنى.
وهناك في الجبل وجد حظه يغُطُّ في نوم عميقٍ، فأخذ يركُلُهُ برجله حتى أيقظه، ثم أخذ يعتب عليه أنه نام عنه، ولم يعد يرعاه رعاية حظ أخيه إياه، ورجاه أن يظلَّ يقظا، فوعده حظه أن يفعل ذلك فسعد الشاب بذلك وتأهب للعودة، ولكنه قبل أن يفعل ذلك تذكر الوعود التي وعد بها الأسد والفلاح والملك، عند ذاك عرض على حظه أسئلة هذه الشخوص الحائرة ليجيب عنها، فقال حظه: قل للملك ألا يخدع شعبه لأنه في حقيقة الأمر امرأة متنكرة في شكل رجل، والشعب يعلم ذلك، وإنْ لم يصارحه به خوفا من جبروته، وقل للفلاح أن يستخرج أولا الكنز الذي في أرضه، وعند ذاك ستثمر الأرض، وقل للأسد أن يفترس رجلا فاسدا، وبعد ذلك سيشعر بالشِّبع بعد الأكل.
عاد الشاب إلى بلده ، وفي طريقه أبلغ الملكة المتنكرة رد حظه عن سؤالها، فوعدته الملكة أن تفعل ذلك وطلبت منه أن يبقى معها وأن يتزوجها، ويعينها في حكم شعبها، ولكنه اعتذر؛ لأنَّ حظه قد استيقظ، ثم أبلغ الفلاح برد حظه عن تساؤله، فطلب منه الفلاح أن يساعده في استخراج الكنز، ثم يقتسمه معه، ولكنه اعتذر له كذلك بأن حظه كان قد استيقظ، وفي النهاية أبلغ الأسد وقال له: لا بد أن تلتهم رجلا فاسدًا حتى تشعر بالشبع بعد الأكل، عند ذاك أجابه الأسد: وهل يمكنني أن أجد من هو أفسد منك؟ ثم هجم عليه وافترسه.

من كتاب ( قصصنا الشعبي من الرومانسية إلى الواقعية ) ،  د/ نبيلة إبراهيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق