الأحد، 29 أبريل 2012

أعز الناس ( فضل العلماء )


كان المأمون قد وكل الفراء يلقن ابنيه النحو، فلما كان يومًا أراد الفراء أن ينهض إلى بعض حوائجه، فابتدرا إلى نعل الفراء يقدمانه له، فتنازعا أيهما يقدمه، فاصطلحا على أن يقدم كل واحد منهما فردًا فقدماها، وكان المأمون له على كل شيء صاحب خبر، فرفع ذلك الخبر إليه، فوجه إلى الفراء فاستدعاه، فلما دخل عليه قال: من أعز الناس قال: ما أعرف أعز من أمير المؤمنين، قال: بلى من إذا نهض تقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين حتى رضي كل واحد أن يقدم له فرداً، قال: يا أمير المؤمنين، لقد أردت منعهما عن ذلك، ولكن خشيت أن أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها أو أكسر نفوسهما عن شريعةٍ حرصا عليها .
من كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان

السبت، 28 أبريل 2012

الرقص على السلم



ورد في كتاب كليلة ودمنة: "زعموا أن غراباً رأى حجلة تدرج وتمشي، فأعجبته مشيتها، وطمع أن يتعلمها، فراض على ذلك نفسه، فلم يقدر على إحكامها، وأيس منها، وأراد أن يعود إلى مشيته التي كان عليها: فإذا هو قد اختلط وتخلع في مشيته، وصار أقبح الطير مشيا".
تلك القصة تتطابق إلى حد بعيد مع حال الشباب العربي الذي تخلى عن ثقافته وقيمه وتقاليده، وانساق وراء العادات الغربية، فأصبح لا يسمع إلا الموسيقى الغربية، ولا يشاهد إلا الأفلام الأجنبية، وعندما يتواصل مع أصدقائه عبر شبكات التواصل لا يستخدم العربية، وإنما يستخدم الحروف اللاتينية للتعبير عن كلامه العربي.
الشباب العربي لم يعد عربيا ، ولن يكون غربيا، وإنما سيبقى حائرا بين واقعه الذي يرفضه وأمانيه المستحيلة، وهو بذلك كمن رقص على السلم (وفقا للمثل المصري).

الخميس، 26 أبريل 2012

اللغة هوية الإنسان




إن اللغة هي أخص خاصية في هوية الإنسان ، هذه اللغة التي قال عنها فلاسفة كثيرون : إنها مسكن الإنسان ومأواه الأخير ، والتي قال عنها شاعر أجنبي : إنك قد تسلب من الإنسان ماله فيستعيده ، وقد تسلب منه مسكنه فيبني غيره ، وقد تستمد منه متاعه فيستعيض بغيره بعد سنوات ، ولكنك إن سلبته لسانه وهويته فقد ذاتيته إلى الأبد .
وهذا ما أحسست بطريقة أو بأخرى أننا مهددون به .

لقاء مع دكتور أحمد درويش


لقاء مع دكتور أحمد درويش ( وكيل دار العلوم ) في برنامج صباح الخير يا مصر .

خطبة أبي بكر الصديق عندما تولى حكم المسلمين


قام أبو بكر فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِاَلَّذِي هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:
أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنِّي قَدْ وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ، فَإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي، وَإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُونِي، الصَّدْقُ أَمَانَةٌ، وَالْكَذِبُ خِيَانَةٌ، وَالضَّعِيفُ فِيكُمْ قَوِيٌّ عِنْدِي حَتَّى أُرِيحَ عَلَيْهِ حَقَّهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَالْقَوِيُّ فِيكُمْ ضَعِيفٌ عِنْدِي حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
 لَا يَدَعُ قَوْمٌ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلَّا ضَرَبَهُمْ اللَّهُ بِالذُّلِّ، وَلَا تَشِيعُ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ إلَّا عَمَّهُمْ اللَّهُ بِالْبَلَاءِ، أَطِيعُونِي مَا أَطَعْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِذَا عَصَيْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلَا طَاعَةَ لِي عَلَيْكُمْ. 
من كتاب ( سيرة ابن هشام )

الأربعاء، 25 أبريل 2012

إعراب البسملة


(بِسْمِ) جار ومجرور متعلقان بمحذوف، وتقدير المحذوف أبتدئ فالجار والمجرور في محل نصب مفعول به مقدم أو ابتدائي فالجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، و(اللَّهِ) مضاف اليه و (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) صفتان لله تعالى وجملة البسملة ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب.
من كتاب ( إعراب القرآن وبيانه ) للدكتور / محيي الدين درويش

الخميس، 19 أبريل 2012

إجازات مجمعية




جاء في الوقت نفسه، يجوز فيها: جاء في نفس الوقت.

وقد أجاز مجمع اللغة المصري هذا الاستعمال مستشهدًا بما حكاه سيبويه عن العرب: نزلت بنفس الجبل، وبقول الجاحظ: لابد للترجمان أن يكون بيانه في نفس الترجمة في وزن علمه في نفس المعرفة.

من كتاب: معجم الصواب اللغوي، د / أحمد مختار عمر

الأربعاء، 18 أبريل 2012

كليلة ودمنة (القرد والغيلم)


كان يسمى قبل أن يترجم إلى اللغة العربية باسم: الفصول الخمسة، وهي مجموعة من قصص ذات طابع يرتبط بالحكمة والأخلاق.

تعود تلك المجموعة القصصية إلى أصول هندية، ثم ترجمت إلى اللغة الفارسية، ثم ترجمها عبد الله بن المقفع إلى اللغة العربية، ومن قصص تلك المجموعة: القرد والغيلم، والأسد والثور، والحمامة المطوقة.

من قصص كليلة ودمنة (القرد والغيلم)

قال دَبْشَلِيمُ الملكُ لبيدبَا الفيلسوف: اضْرِبْ لي مثلَ الرجلِ الذي يطلبُ الحاجةَ فإذا ظَفِر بها أضَاعها، قال الفيلسوف: إنَّ طلبَ الحاجة أهونُ من الاحتفاظ بها، ومن ظَفِرَ بحاجة ثم لم يُحسنْ القيامَ بها أصابَهُ ما أصابَ الغيلمَ.

قال الملكُ: وكيف ذلك؟ قال بيدبا: زعموا أنَّ قردًا كان ملكَ القِرَدَةِ، وكانَ قَدْ كَبِرَ وهَرِمَ، فوثبَ عليه قردٌ شابٌّ من بيتِ المملكةِ فتغلّبَ عليه، وأخذ مكانَه فخرجَ هاربًا حتى انتهى إلى السَّاحلِ، فوجدَ شجرةً من شجرِ التين، فارتقى إليها وجعلها مُقامَهُ، فبينما هو ذاتَ يومٍ يأكلُ من ذلك التين، إذ سقطت من يده تينةٌ في الماء، فسمع لها صوتًا وإيقاعًا، فجعل يأكلُ ويرمي في الماءِ، فأطْرَبَهُ ذلك: فأكثر من طرحِ التين في الماء، وثَمَّ غيلمٌ، كلما وقعت تينةٌ أكلها، فلما كَثُرَ ذلك ظنَّ أنَّ القرد إنما يفعل ذلك لأجله، فرَغِبَ في مصادقته، وأنِس إليه، وصادقه.

وطالت غيبةُ الغيلم عن زوجته: فجَزِعَتْ عليه وشكت ذلك إلى جارةٍ لها، وقالت: قد خِفتُ أن يكون قد عرضُ له عارضُ سوءٍ فاغتاله، فقالت لها: إن زوجك بالساحل قد صادق قردا: فهو مؤاكله ومشاربه، وهو الذي قطعه عنك، ولا يقدر أن يقيم عندك حتى تحتالي لهلاك القرد، قالت وكيف أصنع؟ قالت لها جارتها: إذا وصل إليك فتمارضي، فإذا سألك عن حالك فقولي: إن الحكماء وصفوا لي قلب قرد.

ثم إن الغيلم انطلق بعد مدة إلى منزله فوجد زوجته سيئة الحال مهمومةً فقال لها الغيلم: مالي أراك هكذا، فأجابته جارتها، وقالت: إن زوجتك مريضة، وقد وصف لها الأطباء قلب قرد، وليس لها دواء سواه، قال الغيلم: هذا أمر عسير من أين لنا قلب قرد، ونحن في الماء؟ لكني سأحتال لصديقي.

ثم انطلق إلى ساحل البحر: فقال له القرد يا أخي، ما حبسك عني؟ قال الغيلم: ما حبسني إلا حيائي: فلم أعرف كيف أجازيك على إحسانك إلي؟ وأريد أن تتم إحسانك إلي بزيارتك (أي في منزلي) فإني ساكن في جزيرة طيبة الفاكهة.

ركب القرد ظهر الغيلم، فسبح به حتى إذا سبح به عرض له قبح ما أضمر في نفسه من الغدر، فنكس رأسه، فقال له القرد: مالي أراك مهتمًا؟ قال الغيلم: إنما همي لأني ذكرت أن زوجتي شديدة المرض، ثم توقف به ثانية: فساء ظن القرد، وقال في نفسه: ما احتباس الغيلم وإبطاؤه إلا لأمر ولست آمنًا أن يكون قلبه قد تغير لي وحال عن مودتي، فأراد بي سوءًا؛ فإنه لا شيء أخف وأسرع تقلبًا من القلب، ثم قال للغيلم: ما الذي يحبسك؟ ومالي أراك مهتمًا، كأنك تحدث نفسك مرة أخرى؟ قال: يهمني أنك تأتي منزلي فلا تجد أمري كما أحب؛ لأن زوجتي مريضة، قال القرد: لا تهتم فإن الهمَّ لا يغني عنك شيئًا، ولكنِ التمس ما يصلح زوجتك من الأدوية والأغذية.

قال الغيلم: صدقت، وقد قال الأطباء إنه لا دواء لها إلا قلب قرد، فقال القرد: وما منعك أن تعلمني عند منزلي حتى أحمل قلبي معي؟ فهذه سنة فينا معاشر القردة، إذا خرج أحد لزيارة صديق خلّف قلبه عند أهله أو في موضعه، وليس قلوبنا معنا. قال الغيلم: وأين قلبك الآن؟ قال: خلّفته في الشجرة فإن شئت فارجع بي إلى الشجرة؛ حتى آتيك به، ففرح الغيلم بذلك وقال: لقد وافقني صاحبي بدون أن أغدر به.

ثم رجع بالقرد إلى مكانه فلما أبطأ على الغيلم، ناداه: يا خليلي، احمل قلبك وانزل فقد حبستني، فقال القرد: هيهات فقد احتلت عليَّ وخدعتني؛ فخدعتك بمثل خديعتك.

من كتاب (كليلة ودمنة) لابن المقفع

الثلاثاء، 17 أبريل 2012

قصيدة حافظ إبراهيم ( اللغة العربية تنعى حظها بين أهلها )





بعد سقوط بغداد على أيدي التتار عاشت الأمة العربية سنين طويلة من اليأس والإحباط، ونسي أبناء الأمة ما كان عليه الآباء من تقدم وازدهار، في ذلك الوقت كانت أوروبا تسابق الزمن لبناء حضارتها الناشئة، التي بدأت من حيث انتهى المسلمون، وأخذت الاختراعات تتوالى، والأمة العربية تغط في نومها، وفجأة انتقلت كثير من تلك الاختراعات إلى بلاد العرب؛ لتتركهم في حيرة، ماذا يفعلون في تلك الأسماء الأجنبية، وبعد تفكير عميق توصل البعض إلى أن العيب ليس في الأمة النائمة، وإنما في اللغة العربية القاصرة عن وصف تلك الآلات.

فرد عليهم حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربية قائلا:


رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصــــاتِي

رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَنــــي

وَلَدتُ ولمَّا لم أجِـــــــــــــــــــدْ لعرائسي

وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفــــــــــظًا وغايةً

فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة

أنا البحر في أحشائه الدر كامنٌ

فيا وَيحَكُم أبلى وتَبلى مَحـــاسِني

فلا تَكِــــــــــلُوني للزّمانِ فإنّـــــــــــــــــــني

أرى لرِجالِ الغَربِ عِــــــــزّاً ومَنعَةً

أتَوْا أهــــــــــــــــلَهُم بالمُعجِزاتِ تَفَنُّـناً

أيُطرِبُكُم من جانِبِ الغَربِ ناعِـــــبٌ

ولو تَزْجُرونَ الطَّيرَ يوماً عَلِــــــــــمتُمُ

سقَى اللهُ في بَطْنِ الجزِيرة أَعْظُماً

حَفِظْنَ وِدادِي في البِلى وحَفِظْتُه

وفاخَرْتُ أَهلَ الغَرْبِ والشرقُ مُطْرِقٌ

أرى كلَّ يــــــــــــــــــــــــومٍ بالجَرائِدِ مَـــــــــــــزْلَقاً

وأسمَعُ للكُتّابِ في مِصرَ ضَـــــــــــجّة

أَيهجُرنِي قومِي-عفا الله عنــــــــــــــــهمُ

سَرَتْ لُوثَةُ الافْرَنجِ فيها كمَا سَرَى

فجاءَتْ كثَوْبٍ ضَمَّ سبعين رُقْـــــعة

إلى مَعشَرِ الكُتّابِ والجَـمعُ حافِـلٌ

فإمّا حَياة ٌ تبعثُ المَيْتَ فـي البِـلى

وإمّا مَمـــاتٌ لا قيـــــــــــــــــــــــــامَة َ بَعــدَهُ


وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي

عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِــــــــداتي

رِجالاً وأَكفــــــــــــــــــــــــاءً وَأَدْتُ بناتِي

وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ

وتَنْسِيقِ أسمــــــــــــــــــــــــاءٍ لمُخْترَعاتِ

فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي

ومنْكمْ وإنْ عَزَّ الدّواءُ أســـــــــــــــــــــــاتِي

أخافُ عليكم أن تَحينَ وَفــــــــــــــــــــاتي

وكـــــــــــــــــــــــــــــــــــم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ

فيا ليتَكُمْ تأتـــــــــــــــــــــــــــــــــــونَ بالكلِمَاتِ

يُنادي بِوَأدي في رَبيــــــــــــــــعِ حَياتي

بما تحتَه مِنْ عَــــــثْرَة وشَتـــــــــــــــــــــاتِ

يَعِزُّ عليها أن تلينَ قَنــــــــــــــــــــــــــــاتِي

لهُنّ بقلبٍ دائـــــــــــــــــــــــــــــــمِ الحَسَراتِ

حَياءً بتلكَ الأَعْظُمِ النَّـــــــــــــــــخِراتِ

مِنَ القبرِ يــــــــــــــــــدنينِي بغيرِ أناة

فأعـــــــــــــــــــلَمُ أنّ الصَّائحِين نُعاتي

إلى لغــــــــــــــــــــــــــــة لمْ تتّصلِ برواة

لُعابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ

مشكَّلةَ الأَلوانِ مُختلفـــــــــــــــــــــــــاتِ

بَسَطْتُ رجائِي بَعدَ بَسْـطِ شَكاتِـي

وتُنبِتُ في تلك الرُّمُــوسِ رُفــــــــاتي

مماتٌ لَعَمْرِي لمْ يُقَـسْ بممـــــــــــاتِ